Input your search keywords and press "Enter".
May 19, 2023

وسط زحمة حياته يجيلك!!ازززززاي؟

182 Views

بعد خبرة طويلة في الحياة أدركت أن أكثر الأشياء التي يحاول الإنسان إثبات امتلاكه لها هي أكثر شيء ينقصه، فعندما ينشر بعض الاصدقاء صورهم المشتركة كثيرا ويؤكدون على عمق الصداقة أتأكد أنها صداقة واهية جدا.. ويبدو أن الأمر انتقل من القصص الشخصية إلى إعلانات رمضان، فمنذ أعوام كثيرة تتمحور الإعلانات حول معنى اللمة والعيلة والصحبة، صورة جميلة وبراقة ومبهرة، لكن هل هي حقيقية؟ هل اللمة والعيلة والصحبة والناس-اللي نقولهم شكرا من هنا لبكرة-، أشياء موجودة؟ سوف أترك الإجابة لكم

لكن هذا لا يمنع أني عندما أستمع إلى أغنية “شكرا من هنا لبكرة” تقع على قلبي جملة “وسط زحمة حياته يجيلك” وقعا غريبا، وقع بين الألم والتمني وإدراك الواقع وقوانيه، فربما لم أجرب هذا الشعور إلا قليلا وفي حالات نادرة، لكن في العادة يتم ترتيب موعد مناسب – وهو شيء عظيم جدا، واللي يديك من وقته دقيقة كتر خيره-  لكن هذا ليس بعظمة أن يترك أحدهم زحام حياته لكي يأتي لك في الوقت المناسب، في اللحظة الآنية، هذه الجملة لو كانت حقيقية في الواقع ما اكتظت صفحات الإنترنت من هؤلاء الذين يشتكون بالوحدة

الجملة تحمل الكثير من الوعود، وعد يمنحه الأقرب لك بالتنازل عن وقت مهم في حياته لكي يكون معك. لكن من لديه شجاعة فعل ذلك في عالم تتحكم الساعة فيه بنا؟؟ الساعة تمر وهذا يعني أن لدينا عمل، ولدينا الكثير من المخططات لتطوير الذات،  وشيء نقوم بفعله لتحسين مظاهرنا الجسمانية والاجتماعية، هناك قائمة طويلة بالأشياء التي تجعلنا أفراد مقبولين في المجتمع، فمن هذا الذي يستطيع أن يترك كل ذلك ويأتي لك؟؟ بالطبع كل منا له أصدقاء يقابلهم باستمرار، لكننا قلما ما نوقف شيء من أجلهم، فلابد أن ننجز المهام التي نشعر أنها الأهم والأنفع والتي تجعلنا أمام الناس خارقين وغير مقصرين، وفي ذيل القائمة نضع مقابلة الأصدقاء، وساعتها تكون جروحهم ذبلت وأفراحهم تبخرت ووجودنا مجرد هدف في الوقت الضائع..أليس هذا الذي يحدث؟ أنا أيضا أفعل ذلك مثل الجميع، واتمنى العكس لي ولهم

“وسط زحمة حياته يجيلك”!! هل تعرف معنى أن يترك أحدهم شيئا مهما لكي يكون معك؟ أن يوقف تلك العجلة الدائرة لكي يصاحبك في مسارك، إنه  يقول لك لقد قمت بإيقاف قطاري السريع المكيف لكي أجلس معك في محطتك البالية، قطعت يومي وأوقفت جريي للبحث عن إنجاز لأني اعتبر أن الانجاز الأكبر هو أن لا أتركك وحدك ابداً.، لأني شعرت أنك وحدك، وشعرت أنك في حاجة لي حتى ولو لم ينطقها لسانك. ها أنا أجلس على طاولتك، وعليها ليس سمعي بل قطعة من روحي تريد أن تسمعك وتشفيك، سأنسى جروحي لفترة، وأنسى أني أهم شخص في الكون، وسوف أمنحك أنت هذه الأهمية..ها أنا أوقفت ساعتي وضبطت الوقت على ساعتك، لن انظر إلى هاتفي، لن أفكر في مشاغلي، لن أنظر إلى نفسي وأقول عندي مشاكل أكبر من مشكلتك فلا أقدر على سماعك أو  “فاخلص فيك ايه”

أن يقطع شخص ما وقته من أجلك فهذا يعني أنه أعطاك قطعة من عمره..لكن هل هذه المفاهيم الإنسانية  تتماشى مع عالم شعاره الأوحد “الوقت هو المال”؟؟. فإذا لم يكن الوقت معك قابلا للتحول إلى فلوس فربما سوف يؤجل ميعادك كثيرا

وهذا لا يعني أن الأصدقاء قلائل، بل على العكس، هم كثيرون ولديهم الكثير من المواقف الجميلة، والكثير منهم لديه وقفات لا تنسى في السراء والضراء، فلا يمكن ان تستقيم الحياة دون ذلك. لكن من منهم يعطوك الوقت في الوقت الصحيح؟ من الذين يدركونك لحظة يكون فيها جرحك مفتوح على آخره وليس لديك شجاعة خياطته بنفسك، الذين يدركون عمقه وعلى استعداد لمشاركتك في أدق ما تمر به دون ملل أو كلل أو “تطنيش”؟

الحياة قاسية بدرجة كبيرة، تجعلنا ننسى أحيانا ما يريده الآخرون منا، ونتذكر فقط ما نريد أن نعطيه إياهم أو نأخذه منهم، والواقع صلب وجامد وسريع، وجميعنا معلقون في ذيل قطار يجعل كل شيء يسير بسرعة، وكما يقول ميلان كونديرا “عندما تجري الأمور بسرعة لا يمكن لأحدنا أن يكون متأكدا من أي شيء، حتى من نفسه

والسرعة تقتل الوقت، والوقت عملة غالية جدا لذا دائما ما نحتفظ بها للأشياء الأهم، وأقسى شيء قد تشعر به هو أنك تأتي دائما “فضلة وقت” حتى عند أقرب الأقربون إليك

للمزيد: ليه تكون إنسان واحد لما ممكن تكون إنسان كومبو