بدأت الحكاية لما قررت أخد إجازة أو زي ما بيقولوا استراحة محارب، فكرت في الحصول على كام يوم راحة بدون أى إرهاق والتمتع بفسحة رايقة في أماكن هادية وبسيطة.. كل اللي كان نفسي فيه هو إني ألاقي مكان مش زحمة على البحر احط عليه كرسي واقعد من غير ما اعمل اي حاجة واسيب تيار الهوا يلطشني لدرجة السُطل..لكن ما حدث كان عكس ذلك.
الخطة الأولى
بدأت اخطط لفسحتي، أولا ماعنديش مجهود حاليا للخروج برة اسكندرية أو التفكير في مكان بعيد، وكل اللى محتاجاه فصلان لمدة يومين تلاتة، في اللحظة دي بدأت أسأل نفسي تروحي فين يابت؟ تروحي فين يابت؟ كان أول خيار بالنسبة لي هو اختيار كافتيريا من الكافتيريات اللي احتلت البحر، وبالرغم من موقفي المعادي لها وتمنياتي بأقرب تسونامي ياخدها، إلا إنها كانت المخرج الوحيد ليا نظراً لأن ما فيش مكان على البحر خالي من المطاعم والكافتيريات والزحام المرعب. وبالفعل نزلت واخترت مكان هادي وانتظرت أي لفحة هوا، واستنيت ساعة، اتنين، وإني ألاقي نسمة هوا أبداااااااا.. الجو مكتوم وكأن فيه تنين واقف يسحب الاكسجين ويبخ في وشنا نار ورطوبة، والتنين ده كان موجود بالفعل في صورة مداخن المطاعم اللى هي سبب أساسي في سحب الاكسجين من المكان، ساعتها قلت يابت بلاها هوا، استمتعي بالهدوء، لكن على مين كل كافيه كان بيتنافس في البلاي ليست القادر على انه يصيب التنانين بصداع مزمن، قلت لنفسي خلاص اطفحي أي حاجة وامشي، وطفحت كوباية ميلك تشيك بالشوكلاتة دفعت فيها 150 جنيه وفي الحقيقة كانت خالية من الميلك وفيها بخة شوكولاتة وشربتها آسفة، كوباية الميلك تشيك المأساوية دي فكرتني بواحدة شربتها خلال رحلتي لكينيا – دي هنبقي نحكي عنها كتير- حيث دفعت فيها ما يعادل 200 جنيه مصري، ساعتها استنكرت الموقف وقلت عمار يا مصر، لكن بمقارنة حجم الكوباية اللى كانت بحجم مسلة الاقصروقطع الشوكولاتة اللي كانت الواحدة فيها قد مكعب روبيك قلت عمار يا كينيا إلى أبد الآبدين… المهم يعني خطتي في إجازة الكافتريات المرفهة باءت بالفشل حيث لا هواء ولا هدوء ولا حتى مشروب ينسيني أحزاني..
الخطة ب
وجه ميعاد الخطة ب، وهي البحث عن قضاء يوم في شاطئ خاص داخل الاسكندرية، وأهه لما أقعد بيني وبين اللى جنبي متر أفضل من تلاحم قوى الشعب كلها في متر واحد وجلوس المواطنين على حجر بعض في مساحة مكانية وزمنية تجيب اسفكسيا، وقبل ما أخد القرار ده اتمشيت على خط البحر من المنتزة لكليوباترا واكتشفت ان المنظر مش منظر ناس بتبلبط في مية البحر، هما اتحولوا لكتلة بشرية مبلولة مش أكتر وبتتحرك حركة موحدة نتيجة التشابك والالتصاق.
المهم بدأت أدور في الاعلانات على شاطئ خاص، ولاقيت شاطئ صوره حلوة ويبدو انه مش زحام، اتشجعت ودخلت اسأل فاكتشفت انه عبارة عن مساحة رملية تمتد بين جليم باي وبين الشاطئ الاخر ويفصل بينهم سور من الخوص، والمكان ده المسافة بينه وبين بيتي حوالي ربع ساعة مشي، قلت يا بت مش مشكلة، اهه تلاقي حبة هوا، دخلت أسأل على سعر اليوم، فكانت المفاجأة ان التذكرة بـ 400 جنيه، 400 جنيه في شاطيء طوله حوالي 15 متر على رملة صناعي. حاولت استفسر اكتر ليه 400 في المكان ده فجاني الرد في منتهى الحماسة، احنا بنوفرلك شيزلونج وبشكير، بشكيييييييييييير؟ ادفع في بشكير 400 جنيه ليه؟ ثم انا ممكن انزلكم ببشكير قطن مصري بقاله 35 سنة في جهاز امي اتربينا فيه أجيال ورا أجيال وما زال محتفظا بوقاره؟ يا سيدي الفاضل ليه مواطن يدفع 400 جنيه في بشكير؟ لكن لم يجيبني أحد.. وهنا قررت أدور على شواطئ الداي يوز خارج الاسكندرية فكانت المفاجأة الثانية وهي كل الشواطئ بتبرر ارتفاع سعر الخدمة نظرا لوجود 3 مميزات أولها شيزلونج، ثانيها بشكير، وثالثها دي جي مولع الدنيا طول النهار، وهنا تساءلت متى ترعرعت في شاطئنا كل هذه البشاكير والأغاني الصاخبة؟ لعنتكم السلاحف البحرية وكل الأنظمة المائية قادر يا كريم.. وهنا انتهت رغبتي في البحث عن شاطىء خاص أو دفع أي مبلغ في سبيل الحصول على شيزلونج وبشكير ودي جي طول النهار.
للمزيد: بين الحارة الصاخبة وشارعنا الهادئ..حكايات تركتها تمر
الخطة التي فشلت أيضا
وجاء موعد البلان ج، وقررت انى كل يوم اروح اقعد في المساحات اللى لسة لم يتم احتلالها بين الكافتيريات على طول الكورنيش، السنة اللي فاتت كنت بروح اتمشي واطلب من الناس اللى واقفين كرسي، وافضل قاعدة قدام البحر، واخد كوباية شاي أَمر من طعم الأيام، وفي النهاية كان كل ده بيكلفني 25 جنيه، لكن بروًح وانا رئتي مليانة بهوا البحر وذهني صافي وغاسلة أحزاني ووجداني..فقلت خلاص هي دي فرصتي للراحة، وفعلا نزلت وقعدت في منطقة سبورتنج، طلبت كوباية الشاي اياها وبدأت أرجع براسي لورا للاستمتاع بالهدوء والهوا، لكن – تروح فين الشمس من قفا الفلاح- فجأة لاقيت الجو بقى مكهرب، صحاب الكراسي رايحين جايين وبينهم إشارات وتحركات مريبة، واحد بقى ينط نطة أشبه بنطة حيوان الجربوع بين اللي قاعدين ويقولهم معلش هناخد الكراسي لحد ما الحكومة تعدي، وفجأة كل الكراسي اتشالت وبقيت أنا وجحافل الجماهير واقفين مستنين الحكومة تعدي عليهم وهذا الوضع قعد لمدة ساعة تقريبا، فما لقتش قدامي غير اني احاسب وامشي..
في هذا اليوم انتهت أمالي في الحصول على يوم هادي بسيط في اسكندرية، انتهت أمال واحدة كان عندها استعداد تدفع فلوس كتير في مقابل الحصول على الاستجمام، لكن اكتشفت اني هدفع فلوس كتير مقابل الكثير من الدوشة والحر وبشكير. بشكير لن يستطيع تغطية أي شيء لأن الخيبة أصبحت أكبر من أن نغطيها ونصوت..واتمسوا بالخير.
للمزيد: ربع متر نجيلة