Input your search keywords and press "Enter".

كينتسوجي “فن تجميل الهزائم

434 Views

قبل عام وفي يوم واحد تكررت على مسامعي بالصدفة كلمة “كينتسوجي” فشعرت أن في الامر إشارة ما. كينتسوجي هو فن ياباني يستخدم لترميم الفخار المكسور عن طريق صب الذهب في أماكن الشروخ  فتعود القطعة سليمة مرة أخرى.

في المرة الأولى ذهبت لأشاهد فيلما هنديا في السينما لبطلي المفضل شاروخان، كان يتكلم عن فن الكينتسوجي الذي يعيد للأرواح المكسورة رونقها، عدت إلى المنزل فوجدت قصيدة مترجمة بنفس الاسم ترجمتها “ضي رحمي”..تقول القصيدة:-

في الأيام التي تخجل فيها من ندوبك

يستدعي عقلك قبحها فحسب،

لا جمالها الذي هو دليل نجاتك

تذكر،

يوجد فنٌ بأكمله

يقوم على إعادة ترميم شقوق الأواني 

المكسورة وملئها بالذهب 

شكل فني كامل يثبت

أن حتى الماضي المكسور، المحطم

لآنية ما جميل ويجب أن يعتز به

تذكر كيف أنك أثمن كثيرًا من مجرد إناء

أن نجاتك

ورحلتك

وندوبك

تستحق التقدير أيضًا.

قبل عام كان المعنى جميل، والقصيدة مغرية والاعتزاز بالندوب أمر مثير للفخر..أنه من الجميل أن تقول “فعلتها وحدي رغم الحطام”

بعد عام

بعد عام اكتشفت أني لست إلا قطعة فخار مكسورة لكن هناك شيء جمع شتاتها فبدت قطعة واحدة سليمة..في كل مرة سقطت فيها قمت وجمعت شتات قلبي لكن ليس بالذهب المصهور، كنت احاول دائما ايجاد معنى للهزيمة لكي يبدو لها بريق يجعلني اتقبل الحياة كآنية مكسورة.

قبل عام كنت فخورة بندوبي، واليوم اتذكر نفس الجملة، لكن لماذا أشعر أن كينتسوجي ليست إلا  فن تجميل الهزائم؟

في كل المرات التي تحطمت فيها كنت أعود للمنزل افلسف معنى الحطام.

ربما فلسفة الهزيمة تخفف من وقعها احيانا

عندما احرقت مراكبي  دون إبحار اسميت الأمر شجاعة تقبل الخسائر.

وقع قلبي في شرك الوحدة فقلت ما اجمل الأنس بالنفس فالرحلة بنفسي ولنفسي

سرت دربا طويلا فأقنعت نفسي أن الدرب الطويل فرصة للتيه، والتيه فرصة لمعرفة الحياة على حقيقتها.

 اسرعت لمقابلة ما اخافه واسميت الأمر جرأة غير معتادة 

تركت عمرى للريح وحييت نفسي على هذه المغامرة.

كم من الأسماء اطلقتها على ندوبي حتى  يبدو لها بريق ويكون لوجعها معنى؟!؟

الان قلبي مثل قطعة فخار مكسور تضمدها المعاني

يراه الجميع من بعيد فيمدحونه ويقولون عليه “قلب يستحق الاحترام”

يصفقون له احيانا ويقدمون له التحيات

لكن لا احد يأخذه معه الى المنزل ويقدم له الخبز والحليب وبعض من الدفء ويشاركه الأمنيات والحكايات البسيطة.

وهذا منطقي جدا..

فمن المجنون الذي يزين بيته بقطعة من الفخار المكسور؟

انه  لائق أكثر بأن يوضع في متحف لكي تتداول قصة صموده وشجاعاته ويؤخذ منه المثل.

كيف انكسر وكيف استمر في السير على نفس الدرب الطويل.

كيف كان لديه شجاعة الهزيمة وبريقها.

لكن لا احد ابدا يجرؤ ويربت عليه ويقول “كانت الرحلة قاسية فتعالى لتسترح”..

اليوم بعد عام اعترف 

لا احب الكينتسوجي، لكن لا شيء أمامي إلا تجميل خسائري.