في الفترة الأخيرة وقعت تحت إيدي بوستات وفقرات بتقول “إن الحب مش أساس الحياة السعيدة وان القلب اختياره غلط، وان جواز الصالونات كما تقول الدراسات بيعيش أكتر لأنه لا يقوم على الحب لكن بيقوم على الرغبة في تأسيس بيت.. وفي حاجات أهم زي التفاهم والراحة .. حتى إن حد مفترى قال انك بتلبس الجزمة اللى بتريحك مش اللى بتعجبك”…و نظراً لأن الوضع مستفز فاسمحوا لي أقول إن كل من قال ذلك بيهري وبهيم ومش فاهم..ليه؟ لأن الحب أساس كل شيء وهو اللي بيحتوي على الراحة والتفاهم وإن كانت التجارب فشلت ده لأن أصحابها تعريفهم للحب ماكنش حب..يعني زي ما قال برايز العيب في السيستم يا بهايم.
إنت عارف قبلة معنى الحب إيه؟
بالصلاة ع النبي كده قول ورايا “الحب أساس كل شيء ومن غيره فمافيش طعم لأي شيء”.. لو أنت مسيحي فأنت عارف إن الله محبة، ولو أنت مسلم فأكيد قريت “إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ”.. مش هفتي في التفسير لكن الله ذكر كلمة الحب..وهي إن جاز ليَ القول سر من أسراره الكبرى.
طيب لو هنضيق مفهوم الحب الواسع قوي ونطبقه على العلاقة بين الراجل والست يبقى لازم في الأول نعرف إيه هو مفهوم الحب.. والبني أدم الذكي عشان يفهم أي حاجة لازم يرجع لأول السكة ويمسك الخيط من البداية.
في الأساطير القديمة قالوا إن الراجل والست كانوا كيان واحد وبعد كده انفصلوا وده السبب إنهم مختلفين..مختلفين على مستوى الروح والجسد. فلما كل جزء يلاقي الجزء اللي تاه منه في بداية الخلق حيكمله. حاجة شبه لعبة البازل لو كل القطع متشابهة مش حتعمل صورة،لو متكاملة الصورة حتبان.. الدليل المادي على الأسطورة إن تشريحهم الجسدي عمره ما كان متشابه والتكامل ما يحصلش إلا بالاختلاف.. وحالياً في آراء كثير بتقول إن التكامل الجسدي عمره ما يحصل إلا بالتكامل الروحي في البداية.وطبعا انتم كبار وفاهمين ومش هنفسر أكثر من كده.
طب على المستوى الروحي فالموضوع واحد..اللي بتحبه هو حد بيكمل روحك، حاجة شبه نغمتين طالعين من آلات مختلفة بس في بينهم كيميا. يعني راجل وست مختلفين في الآراء أو حتى متفقين لكن طريقة طرحهم لأفكارهم ماشية على نغمة مش نشاذ ..حاجة كده زي نغمة طالعة من القانون تقوم مقسمة لها نغمة طالعة من الرق..ويا ديني ع الجمال.
حب الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد فاني
طب لو انت موحد بربنا ومالكش في أساطير الأولين..فعندك مثلا قصة ستنا حواء لما اتخلقت في الجنة كانت عشان تكون ونيسة لآدم يعني واحد عنده الجنة بحالها كان ناقصة إيه غير الونس.. يعني الحب من غير ونس مش حب يبقى الحل “بلوك بلوك بلوك”.
وبعد نزولهم للأرض تاهو واتقابلوا على عرفات (وإن كان في آراء فقهية مش متفقة مع الحكاية دي) لكن لو قلنا إن جزء منها حقيقي، فسيدنا آدم خاف يكون لوحده، عشان كده فضل يدور على حواء.. ما هو لو محبهاش كان زمانه قعد يقولها ما هي شورتك السودا اللي جابتنا هنا.. من الحكاية دي نعرف ان الحب هو “حد يكملك ويبدد وحدتك”.
هو الألفة ورفع الكلفة
سيبنا من الكلام اللى بقوله، اعتبروني بخرف، دكتور مصطفى محمود كتب في كتاب “أناشيد الإثم والبراءة واحد من أجمل تعريفات الحب، كتب إيه؟ كتب الكلمتين دول “الحب ما هو؟ لو سألني أحدكم ما هي علامات الحب وما شواهده؟ لقلت بلا تردد أن يكون القرب من المحبوب أشبه بالجلوس في التكييف في يوم شديد الحرارة و أشبه باستشعار الدفء في يوم بارد. لقلت هو الألفة ورفع الكلفة وأن تجد نفسك في غير حاجة للكذب. وأن يرفع الحرج بينكما، فترى نفسك تتصرف بطبيعتك دون أن تحاول أن تكون شيئا آخر لتعجبها. وأن تصمتا انتما الإثنان فيحلو الصمت وأن يتكلم أحدكما فيحلو الإصغاء. وأن تكون الحياة معا مطلب كل منكما قبل النوم معا. وألا يطفىء الفراش هذه الأشواق ولا يورث الملل ولا الضجر وإنما يورث الراحة والمودة والصداقة. ذلك هو الحب في كلمة واحدة .. التناسب .. تناسب النفوس والطبائع قبل تناسب الأجسام والأعمار والثقافات.
هنا تكمن المشكلة
خلاص كده فهمنا تعريفه ..طب ما هو حلو اومال المشكلة فين؟
المشكلة أننا اي حاجة بتحصل جوانا بنسميها حب ..تشوف واحدة جميلة تقول حبيتها..تشوفي واحد مفتول العضلات ودمه خفيف تقولي حبيته..ده مش حب..ده حاجة أو رغبة أو السعي للحصول على شريك.
كإنك داخلة تشتري بدلة في الفاترينة بتقول الله البدلة دي حلوة قوى تيجي تقرب تلاقي فيها عيوب ونقص تقووول لاااا مش شاري…هنا انت عمرك ما حبيت انت كان نفسك يبقى عندك بدلة حلوة في الفاترينة. لكن لما تقرب من حد و تعرف جوانبه المظلمة والحلوة وتلاقي نفسك بمنتهى التلقائية بتتعامل معاها وبتفهمها يبقى هذا هو الحب؟
العيب في السيستم يا بهايم
حاجة ثانية أظن إنها مهمة.، في الفترة الأخيرة كل الرسائل اللي بنتعرض لها من السوشيال ميديا أو المجتمع بشكل عام بتقولنا إننا لازم نحب ابطال خارقين، وبتحط إطار محدد للحب، وفي حد قاعد طول النهار يقولنا اتجوزوا ده وما تتجوزوش ده. وخدي اللى يبصلك البصة دى واللى ينورك ويطفيك إلخ إلخ.اموت واجيبه من قفاه اللى بيكتب الحاجات دي.
لكن الحقيقة الحب أبسط من كده بكتير، مش مطلوب حركات كبيرة ولا مجهود، الحب هو إننا لازم نتقبل نقطة ضعف اللي قدامنا عشان نفهمه.. -ايه ده انت بتقولى نقبل إننا نكون مع أشخاص مستنزفين وتوكسيك ومطلعين علينا عقدهم-..أكيد لا في فرق بين البقاء مع أشخاص بيدونا فرصة نجيب شاش وقطن وننضف جرحهم وناس تانية بترش صديدهم في وشنا.. لامؤاخذة في التشبيه يعني.
لكن ده يودينا لمنطقة تانية وهي إن ماحدش فينا مش متعور..ماحدش مش متخربأ .. حضرتك ورحمة خالتي متخربأ، والأستاذ اللي هناك، والأخت اللي ورا دي خدتي من الخربأة ولا لسة؟ وأنا وأنتم والحبايب.كلنا متخربأؤن ولا استثني احد.
كلنا اتربينا في مجتمع قدر على تشويه مفاهيمنا عن الحب والجواز والجمال والجنس والرغبة والتربية والعلم والشغل مجتمع شوه مفاهيمنا عن الحياة ذاتها فعادي إن كلنا نكون محتاجين اللي يقدر يتعامل مع نقط ضعفنا ونقدر نتعامل مع نقط ضعفه..لو قلتلى لا إنت سليم وما اتشوهتش في الانبوكس هديك رقم دكتور نفسي يطلع فيك القطط الفاطسة والزيارة الاولى على حسابي.
خلاص كده كلنا اعترفنا لبعض إننا بايظين؟ يبقى ياللا نحب بعض لأجل ما كل حد فينا يكمل الناقص ويصلح البايظ ويطبطب الوجع.. الخلاصة لما تلاقي حد متعور وتلاقي نفسك مش بتفكر في حاجة غير انك تروح تجيبله الدوا لحد ما يخف فده الحب.. اللحظة اللى بنتخلص فيها من أنانيتنا واللي من اللى احنا عايزينه وحطوا تحت عايزينه مليون خط لأن ده حنقوله في مقال تاني
جواز الصالونات لا يشتعل ولا يساعد على الاشتعال
نيجي لجواز الصالونات، وفكرة انه بينجح عشان مش قائم على الحب ..ودي نظرية متخلفة.. اولا إيه هي مقاييس النجاح؟ الاستمرار مش مقياس النجاح، في كام بيت في العالم مستمرين ومكملين لأسباب كتير بس جواهم راجل وست فقدوا الشغف تجاه بعض وتجاه الحياة؟ العلاقة اللي ما تكملش على أساس من الصداقة و الحنية لكنها تستمر على أسس اجتماعية دي مش علاقة ناجحة.
بس لو ده اختيار الناس من الأول يبقى ربنا معاهم، كل واحد يحط الخط لنفسه ويمشي عليه، يعني لو ربنا خلقك بس قبل ما تاخد قلبك وانت نازل الدنيا أخدت طقم ثلاجة وقررت تعيش حياتك من غير أساس عاطفي وراضي بده فأنت برنس.. المشكلة أنك تكون نص نص محتاج نص حب ونص شكل اجتماعي حلو.. وعلى رأي الدرويش أبو فراج الدنيا ما بتديش محتاج؟
الجواز يعني مزيج من الراحة والأمان والفضفضة وشخص يشاركك رحلة الحياة على الحلوة والمرة..ده الجواز الناجح..ده السكينة والمودة والرحمة اللى بنعيش ندور عليه كلنا تلاقيه في صالونات أو شوارع مش مهم المهم انك تكون عايز تلاقيه.
لكن لو الجواز تكملة لشكل اجتماعي لعريس وعروسة يرضى عنهم ماما وبابا والمجتمع والناس دون اعتبارات تانية ده نظام قائم، ممكن يكون مناسب لناس كثير، لكن ما نقولش انه ناجح لأنه استبعد الحب، هو ناجح عشان استبعد الحياة أصلاً بس ياللا ربنا معاهم “دلال عبد العزيز استيل”.
العيب فيكم يا في حبايبكم أما الحب يا روحي عليه
الحب بريء من القصص الفاشلة لأنها ما قامتش على الحب قامت على حاجات شبهه..ريحوا نفسكوا واكتبوا انتوا عايزين ايه وروحوا اشتروه من مكانه وما تسحلوش معاكم ناس مش مناسبة لتعريفكم حتى وإن كان شعوركم الخفي أن الحب موجود معاهم.
في الآخر لا يسعني إلا أن أقول ما قالته الست العيب فيكم يا في حبايبكم أما الحب ياروحى عليه..يالى ظلمتوا الحب اتلهو.
وقبل ما تقولوا لي زي أمي ما بتقولي “طالما انت بتحبي الحب كده خيبتك تقيلة ليه” فانا لو اعرف اكيد كنت اتصرفت.. لكن آمالنا أن يجمعنا الله يوما بمن نحبه فيحبنا بكل ما يتحمل الأمر من بساطة وجمال، فإن أراد الله كان ذلك عطفه إن لم يكن كان قدره ونحن به راضون…واتمسوا بالخير.
للمزيد: أسئلة لا فائدة منها
